لاعبو الوسط .. جنود يؤدون في الخفاء

فيما يستَأْثِر مهاجمو كرة القدم بالحيز الأكبر من الشهرة والأضواء في عالم المستديرة ، يضْطَلع لاعبو الوسط بمسؤوليات هامة و أدوار شاملة في الخفاء ، تُمكنهم من التمتع بصلاحيات أوسع للتحكم في مقاليد الفريق و ضبط الإيقاع الذي يؤدي به ، حتى بات لاعبو هذا المركز بمثابة حلقة الوصل التي تتقاطع فيها جميع أنشطة الفريق سواء الدفاعية أو الهجومية .

مع الإجتهادات التي أمسى يعرفها عالم التكتيك اليوم ، لم يعُد لاعب الوسط ، ذاك الفرد الذي يقف على خط المنتصف و يُنفذ أدواراً تقليدية من قبيل تكسير الهجمات و القيام بالتغطية للمراكز الشاغرة ، بل تعدى ذلك ليتقلد وظائف أشمل تختلف مع اختلاف النهج و الرسم التكتيكييْن اللذين يسير على دربهما الفريق .

في الكرة الحديثة ، أضحى لاعب الوسط المثالي مُطالبا بالجمع بين المهام الدفاعية و الهجومية . فبين بناء الهجمات و تكسيرها ، و القيام بالتغطية و مساندة الخط الأمامي عبر الإضافة الهجومية ، يتخلص دور لاعب خط المنتصف ، الذي خرج من جبة المهام التقليدية التي لازمته لفترات كثيرة .

و لتقريب الصورة من القارئ ، لا بأس من الإستدلال على هذا الطرح بأمثلة من  لاعبي هذا المركز و استعراض الإختصاصات التي يقومون بها مع فرقهم . فالحديث عن اللاعب المثالي في هذا الإختصاص خلال الفترة الحالية ، يسوقنا رأسا إلى استحضار المُخضرم الإيطالي ، أندريا بيرلو و المايسترو الإسباني ، تشابي ألونسو ، فضلا عن ضابط إيقاع برشلونة ، تشافي هيرنانديز .

هؤلاء اللاعبون اللذين يُلقبون بجنود الخفاء ، يُجسدون الصورة المُثلى التي يجب أن يظهر فيها لاعبو الوسط ، عن طريق التوازن الكبير في الأداء و الجمع بين الأدوار الدفاعية و الهجومية ، التي تمنح أنديتهم إضافة نوعية مُهمة تؤثر بالإيجاب على المستوى العام للفريق .

أداء أندريا بيرلو مع نادي السيدة العجوز ، يُشكل ما يُقارب 70 في المئة من مفاتيح لعب الفريق ، الذي يعتمد مدربه الإيطالي ، أنطونيو كونتي على خطة 2-5-3 التقليدية ، ما يجعل نجم أيسي ميلان السابق حلقة وصل مهمة ، تقف خلف معظم البناءات الهجومية للفريق ، و تؤمن الإنتقال السريع من الدفاع إلى الهجوم في المرتدات عن طريق التمريرات الدقيقة ، علاوة على دوره الدفاعي المتمثل في فرملة الهجمات و القيام بالتغطية .

مربط الفرس هنا ، يتمثل في الأدوار الإضافية التي أُسندت إلى لاعب خط الوسط في الكرة الحديثة ، خلافا للفترات الماضية التي كان فيها لاعبو هذا المركز ذوي صلاحيات محدودة و مكملة للفريق ، مما يجعل أصحاب هذا الإختصاص من الأعمدة الأساسية التي تُشكل أي فريق كان . و في هذا الصدد تحضرني عبارة لأحد المختصين في عالم التكتيك يقول فيها : " اكشف لي عن خط وسطك ، أظهر لك كيفية و طريقة لعبك " .